The Lebanese Flag

 

CENTER FOR DEMOCRACY IN LEBANON


 


 







ما مفهوم الكرامة لدى العربي ؟

صالح إبراهيم الطريقي
الثلاثاء 15 أغسطس 2006م، العربية

وتوقفت الحرب أو الموت في لبنان ، ولست أدري هل توقف الهيجان العربي الذي يصرخ بغضب ليحث الأمة "الفقيرة" على خوض الحرب إلى آخر طفل عربي ، ويبكي ويتوسل العالم بأن يوقف عدوان إسرائيل مع كل مجزرة جديدة .

أليس غريبا أن تدخل معركة تريد من العدو أن يحاربك بالطريقة التي تريدها أنت ؟
ومع عدم يقيني بأن الهيجان العربي سيتوقف ، لأن الإنسان الذي تسيطر عليه غرائزه ، يصبح عقله أسير لغرائزه ، وغير قادر على حل مشاكل هذا الإنسان وإن تكررت المشكلة ألف مرة .

ورغم كل هذا دعونا نعيد قراءة ما حدث لنا وما الذي فعلناه وكيف نفسر المصطلحات التي نرددها كثيرا ، وبالأخص كلمة الكرامة .. ما الذي تعنيه هذه الكلمة ، وكيف يراها الإنسان العربي ؟

حين تتأمل ما حدث في لبنان على مستوى البشر وعلى مستوى الاقتصاد وعلى مستوى الأرض ، يذهلك أن الكثير يرى أننا انتصرنا ، وحقق حزب الله ما لم يحققه أحد ، لأننا قتلنا مئة جندي إن لم أقل مرتزقة إسرائيليين .

ولم نكترث لما حدث للبنان وإنسان لبنان ، فجزء من جنوب لبنان احتل ، وهذا لا قيمة له أمام مليون إنسان كانوا يسكنون بيوتهم ويزرعون أرضهم ويعجنون خبزهم ويحلمون أحلامه الشخصية والصغيرة والتافهة إن شئتم ، أصبحوا نازحون ويسكنون المدارس والطرقات وليس في جيبوبهم ما يساعدهم على شراء رغيف خبز ، ولا يوجد ماء ليشربونه أو يغتسلون به .

إحصائية وزارة الداخلية اللبنانية تؤكد أن هناك 250 ألف مواطن لبناني خرجوا من لبنان ، وربما لن يعودوا لها ، ولست أدري هل سيجد كل هؤلاء حياة كريمة في قارعة الأرض ؟

ومع هذا يرى الكثير أن هذه الحرب استعادت كرامة الإنسان العربي ، مع أن هذه الحرب أهدرت كرامة أكثر من مليون عربي ، أو هكذا أرى الأمر ، فالكرامة هي ألا يمد الإنسان يده يتسول رغيفا ، الكرامة هي ألا يتم تحويلك إلى فقير وشحاذ ومشرد تنتظر المعونات أنت وأطفالك ، فيما قبل الحرب كنت تزرع أرضك وتسكن بيتك وتحلم أحلامك الخاصة جدا .

من السهل أن يركب الكاتب الموجة وسط هذا الهياج العربي الدائم ويحقق انتصاراته الشخصية ، فيكتب أو يتحدث كما يتحدث جل القومجية عن الانتصارات الوهمية وعن الكرامات المعادة .

هؤلاء الكتاب أراهم أشبه بحشرة تتغذا على دم الإنسان العربي ، وتغذي جهله ، هذه الحشرة لن يبيدها إلا وعي المواطن العربي بأزمته ومشاكله ، وأنه لا يمكن له أن ينتصر ما لم يكن قادرا على صنع خبزه وسلاحه وأمنه وملاجئة وكل احتياجاته ، وأن عليه أن يؤجل حروبه إلى أن يصبح قويا وقادرا على الانتصار ، وربما إن أصبح قويا سيفكر العدو كثيرا قبل أن يدخل الحرب ، وسيقبل بالشروط التي نريدها ، لأن ميزة العدو وإن كان قذرا في حروبه ، إلا أنه يحسب الأمور منطقيا وعقلانيا ويحاول تقليل خسائره .
خلاصة الأمر .. علينا أن نقلل من إهدار الكرامات ، فكرامة الإنسان تهدر ، حين يصبح مشردا .
 




Copyright © 2005 by Center for Democracy in Lebanon™.
The content throughout this Web site that originates with CDL
can be freely copied and used as long as you make no substantive
changes and clearly give us credit. Details.
Legal Statement
For problems or questions regarding this Web site contact Webmaster.
Last updated: 05/19/11.