The Lebanese Flag

 

CENTER FOR DEMOCRACY IN LEBANON


 


 







الرئيــــس الممنــــوع من الرئاســة

"الفدائي الصحيح هو الذي لا يصوّب فكره الا الى العدو، الى مقاتلة العدو. وله هدف واحد هو تحرير الارض. وليس الفدائي من يقاتل "بالهوسة" او خجلا او انتفاعا أو أملا بجنة".

انطون سعاده

"بايكر: نحن في واشنطن مهتمون بمتابعة الجامعة العربية مهمتها في لبنان (...) فهل تستطيع ان تعطيني تقويمك الشخصي للموقف السوري؟
الفيصل: الرئيس حافظ الأسد يشعر ان الجامعة العربية تتدخل في لبنان ضد مصالح سوريا فيه. وهو يشك بوجود تعاطف من بعض الحكومات العربية مع هدف الجنرال عون الذي هو اخراج سوريا من لبنان. ويعتقد انكم ايضا تدعمون سرا الجنرال عون.
وعندما زار السفير روبرت مورفي دمشق وبيروت بدا انه نجح في ترتيب الامور مع السوريين، واتفقوا على من يكون الرئيس المقبل للجمهورية. ولكن عندما بدأ المسيحيون الاعتراض تراجع، حتى انه اعترف بخطأ اختيار مخايل ضاهر مرشحا للرئاسة. كما ان سفيركم السيد مكارثي ادلى بتصريح شدد فيه على ضرورة مغادرة القوات السورية لبنان.
بايكر: لم نطلب منه ابدا ان يقول ذلك. لكننا سنطلب منه ان يكون قاسيا مع عون. وفي المناسبة كيف ترى عون؟
الفيصل: ان شعبيته قوية جدا حتى في اوساط الطائفة الشيعية. طبعا ليس عند نبيه بري ولا طبعا عند "حزب الله". عون يطلب خروج الجميع من لبنان، بمن في ذلك الاسرائيليون. وهو يخلق نوعا من الوطنية اللبنانية لم نره في السابق. وللحقيقة عندما قابلناه في تونس، والرئيس سليم الحص كان هناك، كلنا فضلنا عون. كان يتكلم ليس كمسيحي ولكن كلبناني وكعربي. ولكن الدكتور الحص كان يحاول الحصول على تعاطفنا مع المسلمين. ونحن نعتقد ان المجموعة الاسلامية اللبنانية يجب ان تنال مزيدا من السلطة، ولكننا نفضل ان يحصلوا عليها بالتفاهم مع المسيحيين وليس باستعمال الجيش السوري لاجبارهم على ذلك.
بايكر: ذلك يبدو حكيما بالنسبة الي. لكنني اريد منك ان تفهم موقفنا. عون هذا قد افسد كل مخططاتنا (...) ولا اعتقد اني هنا افشي اسرارا. يجب ان تفهم ان الرئيس جورج بوش (الاب) ليس الرجل الذي يحب الاسراع في عمل اي شيء (...) انه يريد الآن ان يربح معركة المخدرات مع الاميركيين الجنوبيين(...).
ولقد ابلغنا الفرنسيين والامين العام للامم المتحدة انهما يعطيان اللبنانيين، واعني عون وشعبه، تشجيعا كبيرا. وطلبنا اليهما التخفيف. وهكذا عادت قطع الاسطول البحري الفرنسي الى طولون (ضحكات بصوت عال). هذا الرجل (عون) كبر اكثر من حجمه.
الفيصل: السوريون يقولون انهم لن يقدموا اي تنازلات في لبنان ما دام عون يقاتلهم. والحقيقة يبدو ان هدفهم الرئيسي هو التخلص منه.
بايكر: وماذا تفعلون بوليد جنبلاط؟
الفيصل: لا اعتقد انه سيكون عقبة بالنسبة الى السوريين، مع انه يتعامل الآن مع الايرانيين.
بايكر: يجب الا يعتمد السوريون على الايرانيين.
الفيصل: نحن لا نحب الايرانيين (...) وفي نقطة معينة اخبرنا السوريون انهم قد ينسحبون من بيروت على الاقل، اذا اعطيناهم مالا كافيا.
بايكر: ما هو المبلغ الذي طلبوه؟
الفيصل: مليارا دولار.
بايكر: نصيحتي لكم الا تدفعوا لهم لكي يخرجوا من بيروت.
الفيصل: احد ابرز اعتراضات سوريا على اقتراحاتنا كان فكرة خروج جيشها من بيروت ليتسلم الجيش اللبناني مكانه. وهذا آخر شيء تريده.
بايكر: اذا كان السوريون اكثر مرونة فلن نضغط عليهم لكي يغادروا لبنان، قبل ان يريدوا هم ذلك.
الفيصل: والاسرائيليون هل ستضغطون عليهم لكي يغادروا الجنوب؟
بايكر: فقط اذا اراد السوريون ذلك (...) فهم مرتاحون حاليا مع الاسرائيليين، اذ ان بقاءهم في لبنان يعطيهم ذريعة للبقاء هم ايضا.
الفيصل: يبدو ان الجنرال عون قد خلق اجماعا حوله. وكله يدعم دعوته الى التحرير".

• • •

اليوم الثالث عشر من تشرين الاول، الذكرى السادسة عشرة للقصف الجوي السوري لقصر بعبدا واخراج العماد ميشال عون منه الى السفارة الفرنسية ثم الى المنفى طوال 15 سنة. في هذا اليوم لم نجد أفضل من العودة الى "الدفاتر العتيقة" وبالتحديد الى محضر اللقاء عام 1989 بين وزير الخارجية الاميركي جايمس بايكر ووزير الخارجية السعودي سعود الفيصل في واشنطن، اثر صدور تقرير اللجنة الثلاثية العربية حول الحرب اللبنانية والذي تضمن تحميل سوريا مسؤولية استمرار هذه الحرب، الامر الذي اعاد اشعال جبهات القتال وعجّل في عقد مؤتمر الطائف.
ان نظرة متفحصة للمشهد الذي يعرضه المحضر، وهو نص رسمي اميركي، تساعد كثيرا على فهم ما يجري من انقسامات وتفسخات داخلية، مترادفة مع استقطابات خارجية تكاد توحي انها لا تزال هي هي منذ اكثر من عقد ونصف عقد: الاميركيون والسعوديون والسوريون والايرانيون يتواجهون بطرق مختلفة، ويصفّون حساباتهم عند الحاجة على حساب لبنان.
وقد كشف المحضر كيف ان التدخل الاميركي عام 1989 هو الذي حال دون ايصال العماد ميشال عون الى سدة الرئاسة، مسايرة للسوريين الذين اعلن عون "حرب تحرير" في وجههم لاخراجهم من لبنان، وان الجميع كانوا بجانبه في هذه الحرب باستثناء اميركا لان مصالحها مع سوريا واسرائيل كانت تقضي بالاتيان برئيس تابع لدمشق الامر الذي رفضه عون واشار اليه بايكر في اللقاء والفيصل بقوله "ان عون قد افسد كل مخططاتنا"، علما ان بايكر قد اكد اكثر من مرة ان اميركا لا تريد للقوات السورية ان تغادر لبنان، وان واشنطن هي التي رتبت مع اسرائيل الدخول السوري الى لبنان عام 1976 في مشاورات اجراها معها آنذاك وزير الخارجية الاميركي هنري كيسينجر وكشفها في كتاب له بعنوان "سنوات التجدد".
وكانت العبرة الاساسية للحرب الاميركية على عون الذي اختاره العرب، وفي مقدمهم السعودية، لاخراج سوريا من لبنان وجعله "بطل تحرير" تمهيدا لتكريسه رئيسا قويا للبنان، وطنيا غير طائفي على ما وصفه الفيصل بعد لقائه وزراء الخارجية العرب في تونس – كانت العبرة ولا تزال: ممنوع الرئيس المسيحي القوي.
وقد لا يلام المسيحيون الذين يجدون في العماد ميشال عون ذلك الرجل القوي الذي يحقق طموحهم الى استعادة الدور المسيحي المتكافئ مع الدور المسلم القوي، داخل الصيغة اللبنانية، وهم الذين انطبعت في اذهانهم صورة الزعيم المتجسد في الرئيس كميل شمعون، والشيخ بيار الجميل، والعميد ريمون اده...
لذلك هم يحلمون اليوم باستعادة صورة هذا الزعيم، اكثر مما يركضون وراء شخص العماد ميشال عون.
ولطالما كانت المعركة على الدوام على الرجل الماروني القوي، وقد سقط فيها الشيخ بشير الجميل ثم الرئيس رنيه معوض. كما أُسقط العماد ميشال عون ونُفي، ثم أُرسل سمير جعجع الى السجن، وجرت تصفية داني شمعون مع عائلته... ليتربع على الكرسي الرئيس الياس الهراوي فالعماد اميل لحود، تابعين لسوريا في رعاية اميركية قبل ان تتغير الرياح وتسقط بغداد، وتغضب اميركا على سوريا وتطردها من لبنان بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
وكان الرئيس الماروني القوي حاميا للزعماء المسلمين من سوريا. ويشهد على ذلك النائب وليد جنبلاط الذي راودته عام 1976 فكرة الهجرة الى اوستراليا، عندما سمع ان الشيخ بيار الجميل توجه الى دمشق مستسلماً للرئيس حافظ الأسد بعد اشتداد المعارك في الجبل ووصول القوات المشتركة الفلسطينية – اليسارية الى عينطورة وتهديدها كسروان. وقال ان كمال جنبلاط كان دائما يعتبر ان الممانعة المسيحية في مواجهة الحكم السوري كانت عامل حماية للزعامات الاسلامية. وباستسلام القيادة المسيحية امام دمشق تكون "راحت" على الزعماء المسلمينّ وهذا ما حصل. اذ ما لبث السوريون ان دخلوا لبنان في حزيران من تلك السنة، واغتيل كمال جنبلاط في السنة التالية ولحقت به قافلة الشهداء.
ما العمل الآن؟
مطلع العام 2000 زار بيروت الاخضر الابرهيمي وزير الخارجية الجزائري السابق واحد اعضاء اللجنة "الملكية" وعراب اتفاق الطائف، فقال له احد اصدقائه: "لقد وضعت لبنان في الحاضنة السورية ومضيت، فمتى تنتهي هذه الحضانة؟".
فأجاب: "متى يقرر اللبنانيون ذلك".
ولكن هل يستطيع اللبنانيون العيش خارج الحضانات؟

ادمون صعب
"النهار" الجمعة 13  تشرين الاول 2006 - السنة 74 - العدد 22803

Source: Annahar at http://www.annaharonline.com/htd/EDMON061013.HTM




Copyright © 2005 by Center for Democracy in Lebanon™.
The content throughout this Web site that originates with CDL
can be freely copied and used as long as you make no substantive
changes and clearly give us credit. Details.
Legal Statement
For problems or questions regarding this Web site contact Webmaster.
Last updated: 05/19/11.